هُنَا اِبْتَسِمَ اَلْوَالِدُ وَقَالَ لِابْنِهِ : لَا يَشْعُرُ بِالْمَالِ إِلَّا مِنْ تَعِبَ مِنْ أَجْلِهِ وَتَذَكَّرَ دَائِمًا ، أَنَّ اَلْمَالَ اَلَّذِي يَأْتِي دُونَ تَعَبٌ يَذْهَبُ فِي أَتْفَهَ اَلْأُمُورَ دُونَ أَنْ تَشْعُرَ . ثُمَّ نَظَرَ إِلَي وَقَالَ : أَمَّا اَلْمَالُ اَلَّذِي يَأْتِي بَعْدَ تَعَبٍ وَشَقَاءٍ لَا بُدَّ أَنْ تَضَعَهُ فِي مَحَلِّهِ وَمَكَانِهِ اَلصَّحِيحِ ، كَانَتْ أُمِّي رَحِمَهَا اَللَّهُ تَقُولُ دَائِمًا : ( صَاحِبُ اَلْمَالِ تَعْبَّان
وَأَقُولُ لَكُمْ : يُقَاسُ رُقِيّ الْإِنْسَانِ بِتَقَلُّصِ مِسَاحَاتِ الْفُضُولِ لَدَيْهِ حَوْلَ خُصُوصِيّاتِ الْآخَرِينَ وَ تَفَاصِيلِ حَيَاتِهِمْ، بِنَأْيِهِ عَنْ حَشْرِ ذَاتِهِ فِيمَا لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِهِ مِنْ شُؤُونِ غَيْرِهِ، فَلَا يَصَبّ اهْتِمَامُهُ عَلَى مَا لَا يَعْنِيهِ، وَ لَا يَحْفُلُ بِالْقِيلِ وَالْقَالِ ، وَ كَثْرَةِ التَّطَفُّلِ وَالسُؤَالِ. - شُرُوقُ الْقُوَيْعِيِّ .
فِي كُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا اسْتِنَادًا إِلَى دُرُوسِكَ السَّابِقَةِ وَ أَخْطَائِكَ الْمُتَكَرِّرَةِ وَ عَادَاتِكَ السَّيِّئَةِ .لَا تَتَمَسَّكُ بِالْمَاضِي وَ أَحْدَاثُهُ الْجَمِيلَةِ لِكَيْ لَا تُصْدَمَ عِنْدَ أَوَّلِ تَغْيِيرٍ ، كُنَّ سَرِيعَ التَّأَقْلُمِ فَالْحَيَاةُ مَلِيئَةٌ بِالْمُفَاجَئَاتِ وَ الْفُرَصِ ،وَ إِنْ طَرَحْتَ عَلَيَّ سُؤَالٌ : كَيْفَ أَسْتَفِيدُ فِعْلِيًّاًّ مِنْ تَجَارِبِ الْآخَرِينَ ؟ سَأُجِيبُكَ وَبِكُلِّ سُرُورٍ : اجْعَلْهَا تَخْتَصِرُ عَلَيْكَ الْوَقْتَ وَالْجَهْدَ، وَتُوَجِّهْ انْطِلَاقَتَكَ فِي الْحَيَاةِ مِنْ حَيْثُ تَوَقَّفَ الْآخَرُونَ
مَا زَالَتْ تَجْرِي أَرْبَعُ جِرَاحَاتٍ نَاجِحَةٍ يَوْمِيًّاً بِنِسْبَةِ نَجَاحٍ ١٠٠٪ فِي مُسْتَشْفَى ( رِيَازَانْ ) فِي ضَوَاحِي مُوسْكُو مَعَ مَشْرِطِهَا الْخَاصِّ وَ الْمُحْتَفِظَةِ بِهِ مُنْذُ ٦٠ عَامًاً. "الْعُمُرُ يَا سَادَةُ مُجَرَّدُ رَقْمٍ وَ لَيْسَ عُذْرٌ"، الْعُمْرُ مُجَرَّدُ رَقْمٍ لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِالسِّنِّ ؛ فَأَرْقَامُ عُمْرِنَا لَا تَعْنِي شَيْئًاً ، نُكَبِّرُ وَ نَصْغُرُ حَسَبَ الظُّرُوفِ ، أَطْفَالٌ مَعَ مَنْ نَتَآلَفُ بِهِمْ ، مُرَاهِقِينَ مَعَ مَنْ نُحِبُّ ، عَجَائِزَ إِذَا ضَاقَتْ بِنَا الدُّنْيَا نَحْنُ نَصَغُرُ وَ نُكَبِّرُ عَلَى حَسَبِ مَنْ نَتَوَاجَدُ مَعَهُمْ فَقَطْ..!! هَذِهِ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمِهْنِيَّةِ .
وَ كَأَنَّ قَطَرَ فَتَحَتْ أَبْوَابَهَا لِلْعَالَمِ أَجْمَعَ ، لَمَتْ شَمْلَ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ أَقْطَارِ الدُّنْيَا ، فَقَدْ رَأَيْتُ الْبُرْتُغَالِيَّ يَرْتَدِي غُتْرَةَ الْقَطَرِي ، وَ رَأَيْتُ السُّعُودِيَّ يَرْفَعُ عَلَمَ فِلَسْطِينَ ، كُلُّ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ شَجَّعَتْ فَرِيقَ الْمَغْرِبِ وَ تُونِسَ وَ السُّعُودِيَّةِ عَلَى رَغْمِ اخْتِلَافِ دُوَلِهِمْ ! حَتَّى ظَنَّ الْغَرْبُ أَنَّهُمْ شَعْبٌ وَاحِدٌ!
قُلْتُ لَهُ :- مَنْ سَارَ بَيْنَ النَّاسِ جَابِرًاً لِلْخَوَاطِرِ أَدْرَكَهُ اللَّهُ فِي جَوْفِ الْمَخَاطِرِ. "وَلَعَلَّ مَا نَجَّاكَ هِيَ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ الَّتِي جَبَرْتْهَا يَوْمًا.." وَقَدِيمًا قَالُوا : إِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا صَيَّرَ حَوَائِجَ النَّاسِ كُلَّمَا احْتَجْتَ شَيْئًا، أَعْطِهِ لِغَيْرِكَ ! تَحْتَاجُ لِلْمَالِ؟ تَصَدَّقُ تَحْتَاجُ لِلدَّعَوَاتِ؟ ادْعُ لِغَيْرِكَ تَحْتَاجُ لِلْمُسَاعَدَةِ؟ سَاعَدْ غَيْرُكَ
أَعْلَمُ جَيِّدًاً أَنَّكَ تَعَرَّضْتَ لِقِصَّةٍ فِي حَيَاتِكَ ، لِمَوْقِفٍ لَا يُمْكِنُكَ أَنْ تَنْسَاهُ ، لِحَدِيثٍ لَنْ يَغِيبَ عَنْ ذِهْنِكَ ، لَكِنْ لَابُدَّ أَنْ يَأْتِيَ الْيَوْمُ الْجَمِيلُ، وَ تَنْسَى فِيهِ كُلُّ مَا سَلَفَ .. ابْتَسِمْ فَقَطْ ، وَلَا تَمْضِ وَقْتَكَ فِي التَّفْكِيرِ .. فَلَوْ أَرَدْتَ فِعْلًا أَنْ تُحْدِثَ تَغْيِيرًا فِي حَيَاتِكَ غَيْرَ إِدْرَاكِ الْمُفَكِّرِ .
وَ بِالْفِعْلِ كَمَا قَالَتْ زَوْجَتِي ، وَلَكِنْ لَيْسَ بِمَفْهُومِهَا بَلْ بِمَفْهُومِي أَنَا هَهْهُهُهْهْهْ" رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٌ " أَصْبَحْتْ مِنْ مُحَبِّبِينَ الرَّسْمِ وَ اللَّوْحَاتِ الْفَنِّيَّةِ وَ أَصْبَحَتْ افْهَمْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا . أَمَّا عَنِ الْمَقَالِ فَهَا هُوَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ
السّؤَالُ الَّذِي تَسْبِقُهُ إِجَابَتُهُ: هَلْ يَقِفُ أَمَامَ الْمَوْتِ أَحَدٌ؟ هَلْ يَدْفَعُهُ أَحَدٌ؟ هَلْ يُبَدِّلُ وُقُوعَهُ أَحَدٌ؟ إِنّ الْمَوْتَ فَجْأَةٌ لَا يُمْكِنُ -بِأَيّ حَالٍ- تَفَادِيهَا، وَلَادْفَعُهَا، وَلَا تَبْدِيلُهَا، فَإِمّا أَنْ تَحْيَا كَمَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَتَبْلُغَ خَيْرَ عُقْبَى، أَوْ أَنْ تَحْيَا كَمَا تُحِبُّ، وَتَنْتَهِي إِلَى شَرِّ مَرْدًى. كُنْ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي يَجْعَلُكَ سَعِيدًاً... لِتُشْعُرَ أَنّكَ مَا زِلْتَ حَيًّاً .. فَلَا تَخْشَى الْمَوْتَ بَلْ اخْشَى الْحَيَاةَ بِلَا حَيَاةٍ .. "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، إِلّا أَنّ الْحَيَاةَ لَا تَتَذَوَّقُهَا كُلُّ الْأَنْفُسِ". جَلَالُ الدِّينِ الرُّومِيُّ
إِحْذِرُوا الظُّلْمَ يَا إِخْوَانُ وَ يَا أَخَوَاتُ .. إِحْذِرُوا مِنْ ظُلْمِ أَزْوَاجِكُمْ وَ زَوْجَاتِكُمْ وَ أَبْنَائِكُمْ وَ بَنَاتِكُمْ وَ أَخَوَاتِكُمْ وَ إِخْوَانِكُمْ وَ أَقَارِبَكُمْ أَوْ أَيِّ شَخْصٍ مَا .. الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... وَ لِلْمَظْلُومِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ .... حَتَّى وَ لَوْ كَانَ كَافِرًا.... فَاحْذَرُوا أَشَدَّ الْحَذَرِ .. لَيْسَ شَرْطًاً أَنْ يَكُونَ الْأَلَمُ جَسَدِيًّا ً، رُبَّمَا يَدْعُو عَلَيْكَ شَخْصٌ مَظْلُومٌ فَتَكُونُ حَيَاتُكَ كُلُّهَا آلَامٌ نَفْسِيَّةً !! إِيَّاكَ أَنْ تَظْلِمَ أَحَدًا !!!