الكاتب : هبة احمد الحجاج
يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَيْرَ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، هُوَ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَ فِيهِ سَاعَةٌ أَخْفَاهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ، وَ نَحْنُ إِذْ نَلْتَزِمُ بُيُوتَنَا فِيهِ عَلَيْنَا بِأَدَاءِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ، وَ الْتِمَاسِ سَاعَةِ الْإِسْتِجَابَةِ ، وَ الْجُلُوسِ مَعَ الْأَهْلِ، وَ تَرْسِيخِ السَّكِينَةِ، وَ التَّضَرُّعِ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ ، وَكَثْرَةِ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.
وَأَيْضًا هُوَ يَوْمُ الْإِجَازَةِ الرَّسْمِيَّةِ فِي الْأُسْبُوعِ ،
وَ بِمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ سَتَبْقَى تَنْتَظِرُ هَذَا الْيَوْمَ عَلَى أَحَرٍ مِنَ الْجَمْرِ نَاهِيكِ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ سَيِّدُ الْأَيَّامِ وَ لَكِنَّهُ الْيَوْمُ الْوَحِيدُ الَّذِي تَسْتَيْقِظُ فِيهِ دُونَ رَقِيبٍ أَوْ حَتَّى حَسِيبٍ ، هَذَا الْيَوْمُ مَسْمُوحٌ لَكَ رَسْمِيًّا وَ مِهْنِيًّا أَنْ لَا تَسْتَيْقِظَ فِيهِ عَلَى مَوْعِدِ السَّابِعَةِ صَبَاحًا ، وَلَكِنْ انْتَبَهَ ! أَنَا قُلْتُ مِهْنِيًّا وَلَكِنْ لَمْ أَقُلْ اجْتِمَاعِيًّا هَهْهُهُهُهْهُ ..
وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ جِيرَانِي الْأَعْزَاءِ الَّذِينَ أَشْعُرُ أَنَّنِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ لِدَرَجَةِ أَنَّهُمْ يُقْحِمُونِي فِي سَمَاعِ جَمِيعِ نِقَاشَاتِهِمْ الْعَائِلِيَّةِ وَأَنَا فِي غُرْفَتِي، فَيَصْعُبُ عَلَيْكَ أَنْ تُكْمِلَ نَوْمَكَ بَعْدَ كُلِّ هَذَا الضَّجِيجِ، فَتَرْغِمَ نَفْسَكَ عَلَى الِاسْتِيقَاظِ كَأَيِّ يَوْمٍ آخَرَ وَ تَقُومُ بِعَمَلِ فِنْجَانِ قَهْوَةٍ وَ الْجُلُوسُ عَلَى شُرْفَةِ الْمَنْزِلِ لِاسْتِكْمَالِ مَا تَبَقَّى مِنْ أَحْدَاثٍ لَمْ تَسْمَعْهَا بَعْدُ وَ لَا تُرِيدُ أَنْ تَسْمَعَهَا.. لَكِنَّكَ مُرْغَمٌ ..
وَأَنَا بَيْنَمَا كَذَلِكَ لَفَتَ سَمْعِي امْرَأَةً تَشْتَكِي لِزَوْجِهَا وَمِنْ زَوْجِهَا ، وَ تَقُولُ لَهُ " أَنَّهَا هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَعْمَلُ وَ تَدْرُسُ وَ تُؤَسِّسُ الْمَنْزِلَ، وَ تَكُونُ هِيَ عِمَادَهُ، وَتُرَبِّي، وَ تَعْتَنِي بِنَفْسِهَا وَ تَدَّخِرُ الْمَالَ، وَ تُحَاوِلُ أَنْ تُسَاعِدَ كُلَّ مَنْ يَطْلُبُ مُسَاعَدَتَهَا أَوْ لَا يَطْلُبُ فَتُسَاعِدُهُ، تَشْعُرُ بِالْخَطَرِ قَبْلَ وُقُوعِهِ ، وَفِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ لَا تُرِيدُ أَنْ تُثْنِيَ عَلَيَّ فَقَطْ! وَ تُقَدِّرَنِي ، لِمَاذَا؟!
وَهُنَا عِنْدَمَا سَمِعْتَ وَ شَعَرْتُ لَوَهْلَةَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ شَعَرَ بِالْخَجَلِ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ ..
نَعَمْ فَمِنْ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهِ أَنْ يُشْعِرَ بِالْخَجَلِ الْمَمْزُوجِ بِالذَّنْبِ ، فَكَدَحُ الزَّوْجَةِ فِي بَيْتِهَا ، تَحَمِلُهَا لِلْمَشَاقِّ ، صَبْرَهَا عَلَى قَسَاوَةِ زَوْجِهَا ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابِلَ إِلّا بِالشُّكْرِ وَ الْعِرْفَانِ . ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلّا الْإِحْسَانَ ).
وَ بَعْدَ أَنْ عَمَّ الصَّمْتَ أَخَذَتِ ارْتَشَفَ فَنْجَانُ الْقَهْوَةِ وَإِذْ أَسْمَعَ صَوْتَ جَارَتَيْ الْمُمَرَّضَةِ وَ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ عَلَى الْهَاتِفِ وَمِنْ دَوَاعِي سُرُورِي أَنَّهَا شَارَكَتْنِي بِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ جِدًّا مُتَحَمِّسَةً فِي سَرْدِهَا وَمِنْ شِدَّةِ حَمَاسِهَا سَمِعَتْهَا ، وَ كَانَتْ قِصَّةً جِدًّا جَمِيلَةً أَلّا وَهِيَ :-
كَانَ هُنَاكَ مَرِيضٌ كَبِيرٌ فِي السِّنِّ ، وَ كَانَتْ حَالَتُهُ جِدًّا خَطَرَهُ وَ الْغَرِيبُ أَنَّهُ مَرَّتْ 3 أَيَّامٌ مُنْذُ وُصُولِ هَذَا الْمَرِيضِ الْمُسِنِّ وَحِيدًا إِلَى الْمُسْتَشْفَى ،لَمْ يَأْتِ أَحَدًاً لِزِيَارَتِهِ ..
وَ لَكِنْ لَاحَظْتُ مُنْذُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَ الثَّانِي حَمَامَةُ تَزُورُهُ وَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَأْتِي لِزِيَارَتِهِ كَانَتْ تَجْلِسُ بِجِوَارِهِ عَلَى السَّرِيرِ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ وَ تَبْدُو وَ كَأَنَّهَا حَزِينَةٌ .
إِتَضَحَ لَاحِقًاً أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْمَرِيضَ كَانَ دَائِمًاً يَجْلِسُ عَلَى مَقْعَدٍ مُقَابِلَ الْمُسْتَشْفَى وَ يُطْعِمُ الْحَمَّامَ .
فَكَانَ التَّعْلِيقُ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ وَبِكُلِّ تَأْكِيدٍ بَيْنِي وَ بَيْنَ نَفْسِي "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ سَاعَدَ النَّاسَ وَ قَدَّمَ الْخَيْرَ حَتَّى لَوْ كُنْتَ وَحْدَكَ مَنْ يُبَادِرُ أَرِنَا أَنَّ الدُّنْيَا لَا زَالَتْ بِخَيْرٍ ، ابْدَأْ مِنْ نَفْسِكَ وَلَا تَنْتَظِرْ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَمْرُ يُعَادِلُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ تَذْكُرُ أَنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ مَحْسُوبٌ وَ مَا جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلّا الْإِحْسَانَ " .
وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ أَتَأَمَّلُ مَنْظَرَ السَّمَاءِ وَإِذْ أَسْمَعُ صَوْتَ صِدِّيقٍ لِي يَقُولُ :- الْكَلْبُ ... وَ وَلَمْ يُكْمِلْ الْجُمْلَةَ ، إِلَّا وَأَنَا كُنْتُ فَوْقَ الطَّاوِلَةِ ، لِأَنَّنِي وَ بِكُلِّ فَخْرٍ " أَشْعُرُ بِالْخَوْفِ مِنْ الْكِلَابِ " .
فَابْتَسَمَ صَدِيقِي عَلَى الْفَوْرِ وَقَالَ :- لَا تَخَفْ كُنْتَ فَقَطْ أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكَ عَنْ قِصَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ عَنْ وَفَاءِ كَلْبٍ لِصَاحِبِهِ ..
بُرُوفِيسُورُ الْجَامِعَةِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِي قَاعَةِ الْمُحَاضَرَاتِ، فَبَقِيَ الْكَلْبُ يَنْتَظِرُهُ عِنْدَ مَحَطَّةِ الْقِطَارِ كَالْعَادَةِ لِيَذْهَبَا مَعًا إِلَى الْبَيْتِ !!
وَلَكِنَّ الْبُرُوفِيسُورَ مَاتَ وَلَمْ يَعُودْ .
وَبَقِيَ الْكَلْبُ يَنْتَظِرُ عَشْرَ سَنَوَاتٍ إِلَى أَنْ مَاتَ.
فَصَنَعَ الْيَابَانِيُّونَ لَهُ تِمْثَالًا لِتَخْلِيدِ ذِكْرَاهُ جَزَاءً لِوَفَاءِهِ.
فَقُلْتُ لَهُ وَأَنَا مُنْزَعِجٌ مِنْهُ وَ بِمَا حَدَثَ لِي بِسَبَبِهِ :- لَا يُقَاسُ الْوَفَاءُ بِمَا تَرَاهُ أَمَامَ عَيْنِكَ .. بَلْ بِمَا يَحْدُثُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ... " .
وَ عِنْدَهَا سَمِعْتُ صَوْتَ جَارِنَا "الْبُرُوفِيسُورْ " كَانَ يَدْعُونَا لِتَنَاوُلِ الشَّايِ حَتَّى نَجْلِسَ وَ نَتَبَادَلَ الْأَحَادِيثَ مَعَ بَعْضِنَا الْبَعْضِ عَلَى مَبْدَأِ حَدِيثِ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُورِّثُهُ) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ.
فَاجْتَمَعْنَا مِنَ الْجَارِ الْأَوَّلِ حَتَّى الْجَارِ الْعَاشِرُ
وَ بَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ نَتَبَادَلُ الْأَحَادِيثَ وَ كَانَتْ تَارَةً تَمْلَأُهَا الضِّحْكَاتُ وَ تَارَةً تَمْلَأُهَا الْحَسْرَةُ .. وَ هَكَذَا عَلَى مَبْدَأِ " الْكَوْنُ عَامِرٌ " .
قَاطَعْنَا جَارَنَا الْبُرُوفِيسُورْ وَقَالَ :- سَأُحَدِّثُكُمْ قِصَّةً فَأَتَمَنَّى أَنْ تَسْتَمِعُوا إِلَيْهَا :
فِي اسْكُتْلَنْدَا ؛
حَيْثُ كَانَ يَعِيشُ فَلَّاحٌ فَقِيرٌ يُدْعَى فِلْمِنْجْ ،كَانَ يُعَانِي مِنْ الْفَقْرِ ﺍﻟشَدِيدٌ، لَمْ يَكُنْ يَشْكُو أَوْ يَتَذَمَّرُ لَكِنَّهُ كَانَ خَائِفًا عَلَى ﺍﺑنَهْ مِنَ الْفَقْرِ الَّذِي يَعِيشُهُ ، فَهُوَ قَدْ اسْتَطَاعَ تَحَمُّلَ شَظَفِ الْعَيْشِ وَلَكِنْ مَاذَا عَنْ ابْنِهِ وَهُوَ مَازَالُ صَغِيرًا ؟!
ذَاتِ يَوْمٍ وَبَيْنَمَا يَتَجَوَّلُ فِلْمَنْجْ فِي أَحَدِ الْمَرَاعِي، سَمِعَ صَوْتَ كَلْبٍ يَنْبَحُ نُبَاحًا مُسْتَمِرًا، فَذَهَبَ فَلْمَنْجُ بِسُرْعَةِ نَاحِيَةِ الْكَلْبِ حَيْثُ وَجَدَ طِفْلًاً يَغُوصُ فِي بَرَكَةٍ مِنْ الْوَحْلِ تَرْتَسِمُ عَلَى وَجّهِهِ عَلَامَاتِ الرُّعْبِ وَالْفَزَعِ، يَصْرُخُ بِصَوْتٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ مِنْ هَوْلِ الرُّعْبِ.
وَلَمْ يُفَكِّرْ فَلْمَنْجٍ بَلْ قَفَزَ بِمَلَابِسِهِ فِي بُحَيْرَةِ الْوَحْلِ، أَمْسَكَ بِالصَّبِيِّ، أَخْرَجَهُ أَنْقَذَ حَيَاتَهُ.
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي جَاءَ رَجُلٌ تَبْدُو عَلَيْهِ عَلَامَاتُ النِّعْمَةِ وَالثَّرَاءِ فِي عَرَبَةٍ مُزَرْكَشَةٍ تَجُرُّهَا خُيُولٌ عَظِمَةٌ وَمَعَهُ حَارِسَانِ، انْدَهَشَ فِلْمَنْجٌ مِنْ زِيَارَةِ هَذَا اللُّورْدِ الثَّرِيِّ لَهُ فِي بَيْتِهِ الْحَقِيرِ، هُنَا أَدْرَكَ أنَّهُ وَالِدُ الصَّبِيِّ الَّذِي أَنْقَذَهُ فَلْمَنْجٍ مِنْ الْمَوْتِ.
قَالَ اللَّورْدُ الثَّرِيُّ لَوْ ظَلَلْتَ أَشْكُرُكَ طَوَالَ حَيَاتِي فَلَنْ أُوفِيَ لَكَ حَقَّكَ، أَنَا مُدِينٌ لَكَ بِحَيَاةِ ابْنِي، اُطْلُبْ مَا شِئْتَ مِنْ أَمْوَالٍ أَوْ مُجَوْهَرَاتٍ أَوْ مَا يُقِرُّ عَيْنَكَ.
أَجَابَ فِلْمِنْجْ سَيِّدِي اللُّورْدِ، أَنَا لَمْ أَفْعَلْ سِوَى مَا يُمْلِيهِ عَلَيّ ضَمِيرِي وَ أَيْ فَلَاحَ مِثْلِي كَانَ سَيَفْعَلُ مِثْلَمَا فَعَلْتَ ، فَابْنُكَ هَذَا مِثَلُ ابْنِي وَالْمَوْقِفُ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ ابْنِي أَيْضًا.
أَجَابَ اللُّورْدُ الثَّرِيُّ حَسَنًا، طَالَمَا تَعْتَبِرُ ابْنِي مِثْلَ ابْنِكَ، فَأَنَا سَأَخُذُ ابْنَكَ وَأَتَوَلَّى مَصَارِيفَ تَعْلِيمِهِ حَتَّي يَصِيرَ رَجُلًاً مُتَعَلِّمًا نَافِعًا لِبِلَادِهِ وَقَوْمِهِ.
لَمْ يُصَدَّقْ فَلِمَنْجٍ طَارَ مِنْ السَّعَادَةِ، أَخِيرًا سَيَتَعَلَّمُ ابْنُهُ فِي مَدَارِسِ الْعُظَمَاءِ، وَبِالْفِعْلِ تَخْرَّجَ فِلْمِنْجِ الصَّغِيرِ مِنْ مَدْرَسَةِ سَانْتْ مَارِي لِلْعُلُومِ الطِّبِّيَّةِ، وَأَصْبَحَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ رَجُلًاً مُتَعَلِّمًا بَلْ عَالِمًا كَبِيرًا، نَعَمْ فَذَاكَ الصَّبِيُّ هُوَ نَفْسُهُ سَيْرَ أَلِكْسَنْدَرْ فِلْمِنْجْ (1881 - 1955) مُكْتَشِفُ الْبِنْسِلِينِ فِي عَامِ 1929، أَوَّلِ مُضَادٍّ حَيَوِيٍّ عَرَفَتْهُ الْبَشَرِيَّةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَيَعُودُ لَهُ الْفَضْلُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى مُعْظَمِ الْأَمْرَاضِ الْمَيْكْرُوبِيَّةِ ، كَمَا حَصَلَ أَلِكْسَنْدَرْ فِلْمِنْجْ عَلَى جَائِزَةِ نُوبِلْ فِي عَامِ 1945.
لَمْ تَنْتَهِ تِلْكَ الْقِصَّةُ الْجَمِيلَةُ هَكَذَا بَلْ حِينَمَا مَرِضَ ابْنُ اللُّورْدِ الثَّرِيُّ بِالْتِهَابٍ رِئَوِيٍّ، كَانَ الْبِنْسِلِينُ هُوَ الَّذِي أَنْقَذَ حَيَاتَهُ.
كُلُّ ذَلِكَ بَدَأَ بِفَلَّاحٍ اسْكُتْلَنْدِيٍّ فَقِيرٍ أَنْقَذَ طِفْلًاً صَغِيرًا .
أُلْقِيَ خُبْزُكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ وَسَوْفَ يَأْتِي وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ ..
وَهَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلّا الْإِحْسَانَ !؟
قُلْتُ فِي نَفْسِي وَأَنَا أَضْحَكُ :- أَعْتَقِدُ أَنَّ الْبُرُوفِيسُورَ حَصَلَ لَهُ مَا حَصَلِي لِي هَذَا الْيَوْمَ وَ الدَّلِيلَ " قِصَّتُهُ " وَأَخَذْتُ ابْتَسَمَ .
نَظَرِي لِي عَلَى الْفَوْرِ وَقَالَ : مَا رَأْيُكَ بِالْقِصَّةِ ؟
قُلْتُ لَهُ :- مَنْ سَارَ بَيْنَ النَّاسِ جَابِرًاً لِلْخَوَاطِرِ أَدْرَكَهُ اللَّهُ فِي جَوْفِ الْمَخَاطِرِ.
"وَلَعَلَّ مَا نَجَّاكَ هِيَ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ الَّتِي جَبَرْتْهَا يَوْمًا.."
وَقَدِيمًا قَالُوا : إِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا صَيَّرَ حَوَائِجَ النَّاسِ
كُلَّمَا احْتَجْتَ شَيْئًا، أَعْطِهِ لِغَيْرِكَ !
تَحْتَاجُ لِلْمَالِ؟ تَصَدَّقُ
تَحْتَاجُ لِلدَّعَوَاتِ؟ ادْعُ لِغَيْرِكَ
تَحْتَاجُ لِلْمُسَاعَدَةِ؟ سَاعَدْ غَيْرُكَ
تَحْتَاجُ لِلسَّعَادَةِ؟ أَسْعَدُ النَّاسِ ..
هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلّا الْإِحْسَانَ؟