18 Oct
الْقَهْرُ الْمَوْتُ الصَّامِت

 



الكاتبة :- هبة احمد الحجاج 


قَالَ تَعَالَى: "((وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ))" .



تُؤْذِيهِ الْكَلِمَةُ الْجَارِحَةُ



وَيَضِيقُ صَدْرُهُ بِالْقَوْلِ السَّيِّءِ، وَهُوَ نَبِيٌّ ،



فَمَا بَالُكَ بِمَنْ هُمْ دُونَهُ ؟!



فِي الْآيَةِ الْأُولَى ؛



قِمَّةُ الْمُوَاسَاةِ مِنَ اللَّهِ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ لِلسَّالِكِينَ وَ السَّائِرِينَ فِي سَبِيلِهِ، مِمَّنْ لَا يَسْلِمُونَ عَادَةً مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَ هَمْزِهِمْ وَ لَمَزِهِمْ.



فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ؛



عِلَاجُ قُلُوبِ الصَّالِحِينَ وَ دَوَاؤِهِمْ وَ تَثْبِيتِهِمْ .



قَدْ يَنْكَسِرُ الزُّجَّاجُ فَ يَنْتَهِي الصَّوْتُ بِ سُرْعَةٍ ، وَ تَبْقَى قَطْعُ الزُّجَاجِ تَجْرَحُ مَنْ يَلْمِسُهَا.



كَذُلْک الْكَلَامُ الْجَارِحُ يَنْتَهِي



وَ يَبْقَى الْقَلْبُ يَتَأَلَّمُ طَوِيلًاً .



كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يُبَالِي بِكَلِمَاتٍ يَتَفَوَّهُ بِهَا - بِقَصْدٍ أَوْ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ - تَسَبُّبَ الْأَلَمِ لِلْآخَرِينَ، وَتَمَسُّ كَرَامَتُهُمْ وَكِبْرِيَاءَهُمْ، مِنْ دُونِ أَنْ يُدْرِكَمُنَاطِلَقَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، أَنَّ لَهَا أَبْعَادًاً كَبِيرَةً فِي نُفُوسِ الْغَيْرِ، رُبَّمَا تَنَالُ مِنْ سَمِعَتِهُمْ وَتُؤَثِّرُ فِي مَسِيرَةِ حَيَاتِهِمْ. فَيَجِبُ عَلَى أَيِّ إِنْسَانٍ أَنْيُحَافِظَ عَلَى هُدُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ بِكَلِمَاتٍ لَا يَقْصِدُهَا فِعْلًاً، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ جَارِحَةً لِلْبَعْضِ.



فَهُنَاكَ أَشْخَاصٌ فَقَدُوا الثِّقَةَ بِأَنْفُسِهِمْ عِنْدَ سَمَاعِهِمْ كَلَامًاً فِيهِ "أَلَمْ" .



الْقَوْلُ اللِّيِّنُ، وَ الْكَلَامُ الْمُهَذَّبُ، وَ التَّوَاصُلُ الْجَيِّدُ بَيْنَ الْآخَرِينَ ، أُمُورٌ مُعَيَّنَةٌ عَلَى تَجَاوُزِ التَّحَدِّيَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ فِي حِينِ أَنَّ الْقَوْلَ الْغَلِيظَ، وَ الْكَلَامَالْقَاسِي، وَ التَّوَاصُلُ السَّيِّءُ ، سُلُوكِيَّاتٌ تُعَظِّمُ الصَّغَائِرَ، وَ تَصْطَنِعُ الْمُشْكِلَاتِ.



فَسَلَامًاً ثُمَّ سَلَامًاً ثُمَّ سَلَامًاً عَلَى الَّذِينَ يَخْتَارُونَ كَلِمَاتِهِمْ



كَمَا يَخْتَارُونَ مَلَابِسَهُمْ ؛



لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ الْكَلَامَ أَنَاقَةٌ أَيْضًاً !



هَذَا توضيحًا للقَهْرُ مِنْ النَّاحِيَةِ النَّظَرِيَّةِ



امًا مِنْ النَّاحِيَةِ الْعَمَلِيَّةِ فَإِلَيْكُمْ الْقِصَّةُ :-



{هَذَا قَهْرُ الْجَمَلِ"،فَكَيْفَ بِقَهْرِ الْبَشَرِ؟؟؟.



{يَقُولُ صَاحِبُ الْقِصَّةِ :فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ أَغْضَبَنِي جَمَلٌ ،



لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُطِيعًاً .. وَقُمْتُ بِتَأْدِيبِهِ وَ إِهَانَتِهِ وَ ضَرْبِهِ حَتَّى خَرَّ عَلَى الْأَرْضِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَخَذْتُ الْقَلِيلَ مِنَ الْبَعْرِ وَقُمْتُ بِفَرْكِهِ وَ دَعَكِهُ فِيأَنْفِهِ...


يَقُولُ الرَّجُلُ :



ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَصْبَحَ الْجَمَلُ مُطِيعٌ جِدًّاً عِدَّةَ أَيَّامٍ وَ كُنْتُ أَتَعَامَلُ مَعَهُ بِكُلِّ الْحَذَرِ وَلَا أَغْفُلُ عَنْهُ ...



فِي إِحْدَى اللَّيَالِي كُنْتُ أَجْلِسُ أَمَامَ مَنْزِلِي أَنَا وَ مَعِي بَعْضُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ لِي أَحَدُهُمْ وَ كَانَ مِنْ ذَوِي الْخِبْرَةِ فِي تَرْبِيَتِهِمْ لِلْجَمَالِ -:



يَا صَدِيقِي بَعِيرِكَ اللَّيْلَةَ تَصَرُّفَاتُهِ غَرِيبَةٌ وَمَا تُبَشَّرُ بِخَيْرٍ ، أَرَاهُ كُلَّ فَتْرَةٍ يُرَاقِبُكَ وَ أَنْتَ دَاخِلٌ لِلْمَنْزِلِ وَ أَنْتَ خَارِجٌ !!



يَا صَدِّيقِي خُذْ حِذْرَكَ وَ انْتَبِهْ لِنَفْسِكَ مِنْهُ ..



قُلْتُ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرٌ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ سَآخِذُ حَذَرِي مِنْهُ ..



بَعْدَهَا جَهَّزْتُ فِرَاشِي لِلنَّوْمِ وَ كُنْتُ أَنَامُ أَمَامَ الْمَنْزِلِ وَمِنْ غَيْرِ مَا يُشْعِرُ الْبَعِيرُ قُمْتُ بِوَضْعِ مُسْنَدٍ فِي مَكَانِ نَوْمِي وَ وَضَعْتُ عَلَيْهِ الْغِطَاءَ ، ثُمَّتَسَلَّلْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ..


وَ صَعِدْتُ إِلَى سَطْحِ الْمَنْزِلِ لِكَيْ أُرَاقِبَهُ مَاذَا سَيَفْعَلُ !!!



بَعْدَهَا شَاهَدَتُهُ وَهُوَ يَتَوَجَّهُ إِلَى الْفِرَاشِ الَّذِي يُعْتَقِدُ أَنَّنِي نَائِمٌ بِدَاخِلِهِ ، وَقَدْ كَانَ يَمْشِي بِخِفَّةٍ كَيْ لَا يَحْدُثَ أَيُّ صَوْتٍ كَأَنَّهُ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَنْقُضَعَلَى صَيْدِهِ وَ بِسُرْعَةِ الْبَرْقِ انْقَضَّ عَلَى فِرَاشِي وَبَرَكَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ يَدُوسُهُ بِمُقَدِّمَةِ صَدْرِهِ وَ يُمَزِّقُهُ بِأَنْيَابِهِ !!!



يَقُولُ الرَّجُلُ : وَلَمَّا هُمَّ الْبَعِيرُ بِتَرْكِ الْفِرَاشِ نَادَيْتُ عَلَيْهِ !!



فَلَمَّا شَاهَدَنِي ، أَخَذَ يَلُفُّ وَ يَدُورُ مَكَانَهُ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شِدَّةِ الْقَهْرِ وَفِي الصَّبَاحِ وَجَدْتُهُ قَدْ فَارَقَ الْحَيَاةَ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْ مَكَانِهِ !


ثُمَّ دَعَوْتُ بَعْضَ أَصْحَابِي وَ قَصَصَتُ لَهُمْ الْقِصَّةُ ، وَبَعْدَ ذَلِكَ قُمْنَا بِفَتْحِ صَدْرِهِ لِكَيْ نَعْرِفَ سَبَبَ مَوْتِهِ ؟؟


أَقْسَمَ الرَّجُلُ أَنَّهُمْ بَعْدَ فَتْحِهِمْ لِصَدْرِهِ وَجَدُوا قَلْبَهُ قَدْ انْفَجَرَ مِنْ شِدَّةِ الْغَيْظِ !!!


"هَذَا حَيَوَانٌ !! فَمَا بَالُكُمْ بِالْإِنْسَانِ الْمَقْهُورِ وَ الْمَظْلُومِ !!!


إِحْذِرُوا الظُّلْمَ يَا إِخْوَانُ وَ يَا أَخَوَاتُ ..


إِحْذِرُوا مِنْ ظُلْمِ أَزْوَاجِكُمْ وَ زَوْجَاتِكُمْ وَ أَبْنَائِكُمْ وَ بَنَاتِكُمْ وَ أَخَوَاتِكُمْ وَ إِخْوَانِكُمْ وَ أَقَارِبَكُمْ أَوْ أَيِّ شَخْصٍ مَا ..


الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... وَ لِلْمَظْلُومِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ ....


حَتَّى وَ لَوْ كَانَ كَافِرًا.... فَاحْذَرُوا أَشَدَّ الْحَذَرِ ..


لَيْسَ شَرْطًاً أَنْ يَكُونَ الْأَلَمُ جَسَدِيًّا ً، رُبَّمَا يَدْعُو عَلَيْكَ شَخْصٌ مَظْلُومٌ فَتَكُونُ حَيَاتُكَ كُلُّهَا آلَامٌ نَفْسِيَّةً !!


إِيَّاكَ أَنْ تَظْلِمَ أَحَدًا !!!


وما مِن يدٍ إِلا يدُ اللهِ فوقها


‏ولا ظالم إلا سيُبلى بأظلَمِ


‏لا تظلمنّ إذا ما كنت مقتدراً


‏فالظلم آخره يفضي إلى الندمِ


‏تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ


‏يدعو عليك وعين الله لم تنمِ


‏إياكم والظلم فعواقبه وخيمة


‏بالدنيا والآخرة



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.