وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
هبة أحمد الحجاج
يَقولُ الشاعرُ عبدُ العزيز جويدة -:
صحيح ما رأيتُ النورَ من وجهِكْ.. ولا يوماً سمعتُ العذبَ من صوتِكْ.. ولا يوماً حملتُ السيفَ في رَكبكْ.. ولا يوماً تطايرَ من هنا غضبي كجمرِ النارْ.. ولا حاربتُ في أُحُدٍ.. ولا قَتَّلتُ في بدرٍ صناديداً من الكفَّارْ.. وما هاجرتُ في يومٍ.. ولا كنتُ من الأنصارْ ولا يوماً حملتُ الزادَ والتقوى لبابِ الغارْ.. ولكنْ يا نبيَّ اللهْ أنا واللهِ أحببتُك لهيبُ الحبِّ في قلبي كما الإعصارْ.. فهل تَقبل؟ حبيبي يا رسولَ اللهِ هل تقبلْ؟ نعم جئتُ هنا متأخراً جدًّا ولكن ليس لي حيلةْ، ولو كانَ قدومُ المرءِ حينَ يشاء لكنتُ رجوتُ تعجيلَهْ وعندي دائماً شيءٌ من الحيرةْ، فمَن سأكون أمامَ الصَّحْبِ والخِيرةْ.. فما كنتُ أنا “أنسَ” الذي خدمَكْ ولا “عُمرَ” الذي سندَكْ وما كنت “أبا بكرٍ” وقد صدَقَكْ وما كنت “عليًّاً” عندما حَفِظَكْ ولا “عثمانَ” حينَ نراهُ قد نصرَكْ وما كنتُ أنا “حمزةْ” ولا “عَمْراً”، ولا “خالدْ”.. وإسلامي أنا قد نِلتُهُ شرفاً من الوالِد.. ولم أسمعْ “بلالاً” لحظةَ التكبيرْ.. ولا جسمي انشوى حياً بصحراءٍ بكلِّ هجيرْ.. وما حطَّمتُ أصنامً ولا قاتلْتُ في يومٍ جنودَ الكفرِ والتكفيرْ.. وما قُطِعَتْ يدي في الحربْ.. ولم يدخلْ هنا رمحٌ إلى صدري يَشُقُّ القلبْ.. ولم أُقدِمْ على شيءٍ ولم أهربْ.. ولا يوماً حَملْتُ لواءْ ولا واجهتُ في شَممٍ هنا الأعداءْ.. ولا يوماً رفعتُ الرايَ خفَّاقةْ.. أنا طفلٌ يُداري فيكَ اخفاقَهْ.. ولكنْ يا رسولَ اللهْ أنا نفسي لحبِّكَ يا رسولَ اللهْ وحبِّ اللهِ تَوَّاقَةْ.
أَعظمُ شَخصيةٍ في تَاريخِ البَشرِية ، شَخصيةٌ عظيمةٌ نتلمسُ منْ خِلالِها بعضٌ من العِبر ، نَستفيدُ منها في حَياتنا سوءاً كان صغيرًا أم كبيرًا، فتاة أم شاب، إمرأة أو رجل، لِكُلِ الأُسر والمُجتمع في كُلِ الأماكن والأزمِنة ، أعظمُ شخصيةٍ خَلقَها اللهُ عزَ وجل ، أعظمُ إنسان ، أَعظمُ الناسِ جميعاً مُنذُ خُلقَ آدم إلى أنّ يرثَ اللهُ الأرضَ ومنْ عَليها ،ففي أَخلاقهِ وصِفاتهِ وسِيرَتهِ النَبوية ما يَجعلُ القلبَ ينْحني إجلالًا لهُ، اسمُ محمدٍ عليهِ أفضلُ الصلاةِ والسَلام الذي يُذكرُ كُل يومٍ ، ويُذكرُ في الأذان ، ويُذكرُ في الإقامَة ، ويُذكرُ في الصلاةِ، ويُذكرُ في كُلِ مَوضع، لا أعرفُ من أين أبدأ ! هُنالكَ الكثيرُ من النواحِي الّتي أثرَ فِينا بِها
( محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وسَلم ).
إنهُ رجلٌ لن يتكرر ! أثرَ فِينا منْ جميعِ النواحي :
في عِبادَتنا و تَعاملنا معَ جَميعِ النّاس،
الرَّسول – صلى اللهُ عليهِ وسلم-، يقدِّم بهذا النَّموذج المِثالي للقدوةِ الحسنة ، في سِيرةِ الرسول -عليه السلام- مواقفٌ لا تُعدّ ولا تُحصى منَ الخير، فقدْ كانَ -عليهِ السلام- جوادًا وكريمًا ومِعطاءً، ذا خُلقٍ عظيم، يتّصفُ بأحسنِ الأخلاقِ وأَعظَمها شأنّاً،
يقولُ البوصيري :
مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ
مُحَمَّدٌ خَيْرٌ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
مُحَمَّدٌ باسِطُ المَعْرُوفِ جَامِعَةً
مُحَمَّدٌ صاحِبُ الإِحْسانِ والكَرَمِ
وكانَ كرمهُ – صلى اللهُ عليهِ وسلم- كرمًا في محلِّه، يُنفقُ المالَ لله ، إمَّا لفَقير، أو مُحتاج، أو في سبيلِ الله، أو تأليفًا على الإسلام، أو تشريعًا للأُمَّة، وغيرِ ذلك.
أهدتْ إمرأةً إلى النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام شملةً مَنسوجة، فقالتْ: يا رسولَ الله، أكسُوكَ هذه، فأخذها النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام مُحتاجًا إليها، فلبسها، فرآها عليهِ رجلٌ مِن الصَّحابة، فقال: يا رسولَ الله، ما أحسنَ هذه! فاكْسُنِيها، فقال: «نعم»، فلمَّا قام النَّبيُّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام لامهُ أصحابه، فقالوا: ما أحسنتَ حين رأيتَ النَّبيَّ صلى الله عليهِ وسلم أخذها مُحتاجًا إليها، ثمَّ سألتهُ إيَّاها، وقدْ عَرفت أنَّهُ لا يُسْأَل شيئًا فيمنعه، فقال: رجوتُ بركتها حينَ لبسها النَّبيُّ صلى الله عليهِ وسلم لعلِّي أُكفَّن فيه. [1038] رواه البخاري (6036).
“مُحَمَّدٌ طيِّبُ الأخْلاقِ والشِّيَمِ
مُحَمَّدٌ خُبِيَتْ بالنُّورِ طِينَتُهُ”
وكانَ سيدُنا مُحمد – صلى اللهُ عليهِ وسلم- يَعطفُ على الصِغار، حيثُ كانَ يهتمُ بالطفل، والتَأكيدِ على إعطائِهِ حَقه، وإشّعارهِ بِقيمَته، وتَعويدهِ الشَجاعةَ وإبداءَ رَأيهِ في أدب، وتَأهيلهِ لِمعرفةِ حقهِ والمُطالبةِ به.
عن سَهل بن سعد رضي الله عنه: أنّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أُتِيَ بِشراب، فشربَ منه، وعن يمينهِ غُلام، وعن يسارهِ أشْياخ، فقالَ للغُلام:«أتأذنُ لي أنّ أُعطي هَؤلاء؟»، فقالَ الغُلام: لا، واللهِ لا أُوثِر بنصيبي منكَ أحدًا، قال: فتلَّه -وضعهُ في يده- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم».(رواه البخاري [2605]، ومسلم [2030]).
كانَ سيدُنا محمد – صلى عليه وسلم- يصلُ الأرْحام، حيثُ أنَّ صلةَ الرحِم في سُنة النبي ـصلى اللهُ عَليه وسلم- أمرٌ واجب وقاطِعها آثم، وتعتبرُ صلةُ الرحم تنفيذًا لوصيةِ النبي – صلى الله عليه وسلم- عن أبي ذر- رضي الله عنه- أنه قال : (( أوصاني خليلي أن لا تأخُذني في اللهِ لومةُ لائم ، وأوصَاني بصلة الرحم وإن أدبرتْ )) ذكرهُ في المجمعِ وقال : رواه الطبراني في الصغير(2/48) حديث رقم (758) والكبير (2/265) ورجال الطبراني رجال الصحيح غير سلام بن المنذر وهو ثقه (8/154) .
وعن أبي هريرةَ-رضي اللهُ عنه- أَنَّ رجلًا قَالَ: يَا رَسُول اللَّه، إِنَّ لِي قَرابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِم وَيُسِيئُونَ إِليَّ، وأَحْلُمُ عنهُمْ وَيَجْهَلُونَ علَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ معكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلكَ. رواه مُسلم.
مُحَمَّدٌ صادِقُ الأٌقْوَالِ والكَلِمِ
مُحَمَّدٌ ثابِتُ المِيثاقِ حافِظُهُ
ضربَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أروعَ الأمثِلةِ في الصِدقِ والأمَانة، فقدْ لقّبتهُ قريشُ بالصادقِ الأمين قبلَ البِعثة، وكانَ أهلُ مكّة يأتمِنونهُ على أسرارِهم، وحَوائِجهم، وأموالِهم، ولمّا بعثهُ اللهُ -تعالى- وأمرهُ بتبليغِ الرسالةِ، عن ابن عباسٍ – رضي الله عنهما – قال : لما نزلت : “وأنذر عشيرتك الأقربين” صعدَ النبي – صلى الله عليه وسلم – الصفا فجعلَ يُنادي : ” يا بني فهر ! يا بني عدي ! ” لبطونِ قُريش حتى اجتمعوا فقال : ” أرأيتُكم لو أخبرتُكم أنّ خيلًا بالوادي تريدُ أنْ تغير عليكم أكنتم مُصدقي ؟ ” قالوا : نعم ؟ ما جربنا عليكَ إلا صدقاً . متفق عليه.
وهُنا يتبينُ لنا أنّ حتى ألدّ أعدائهِ شَهدوا لهُ بالصِدق،
حتى في أصعبِ الظُروف وأحلكِ الأوقَات، فعِندما قرّر -عليه الصلاة والسلام- الخروجَ من مكة مُتخفّياً في الليلِ مُهاجراً إلى المدينةِ المُنورة، أمرَ عليُ بن أبي طالب -رضي اللهُ عنهُ- بالبقاءِ خَلفهُ في مكة ليردّ الأماناتِ والودائعَ التي كانتْ قُريش قدْ وضَعتها عِنده على الرُغمِ منْ عَداوتهم.
مُحَمَّدٌ جارُهُ واللهِ لَمْ يُضَمِ.
سيدُنا محمدٌ – صلى اللهَ عليهِ وسلم- كان نِعم الجارُ ُالذي يُحسنُ إلى جارهِ ويكرمه ، ولم تقتصر وصاياهُ على الجارِ المُسلمِ فَقط ؛ بلْ إنهُ كان بارًا بجارهِ اليهودي أيضًا، وأوصَى على كُل الجِيران حتى لو لمْ يَكونوا منَ المُسلمين .
تعلمَ الصَحابةُ الإحسانَ إلى الجَارِ منْ خِلال وصَايا الرسولِ – صلى اللهُ عليهِ وسَلم- ؛ حيثُ وردَ عن عبد الله بن عمرو أنهُ قامَ بِذبحِ شاه فقال: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِي الْيَهُودِيِّ ، فَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول:ما زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حتى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ. متفق عليه.
كان الرسولُ – صلّى اللهُ عليهِ وسلم- يذهبُ ليعودَ جيرانه حينَما يعلمُ بمرضِ أحَدِهم ، وقدّ أخبرَ زيدُ بن ثابت – رضي الله عنه- أنهُ كانَ جارًا لرسولِ اللهِ الذي بمجردِ أنْ علمَ بمرضهِ ذهبَ إليهِ ليطمَئنَ عَليه ، وقدْ وردَ عن زيدِ بن أرقم – رضي اللهُ عنهُ- أيضًا قولهُ عن زيارةِ الرسولِ لهُ للاطمئنانِ عليهِ في مَرضهِ حيثُ قال:”عادني رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- من وجعٍ كانَ بِعيني” ، وقدْ أوّضحَ الرسولُ الكَريم معاييرَ الخيرِ التي يجبُ أنّ تتوفرَ في المُسلمِ في قولهِ – صلى الله عليه وسلم- : وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ…» (متفق عليه).
مُحَمَّدٌ كاشِفُ الغُمَّاتِ وَالظُّلَمِ
مُحَمَّدٌ سَيِّدٌ طابَتْ مناقِبُهُ
مُحَمَّدٌ صاغَهُ الرَّحْمنُ بِالنِّعَمِ
مُحَمَّدٌ صَفْوَةُ البارِي وخِيرَتُهُ
كانَ سيدُنا مُحمد – صلى الله عليه وسلم- يَعطفُ على اليتيمِ ويُعطيهِ حقهُ ويحنُ عَليه، احتضنَ النَبي – – صلى الله عليه وآله وسلم- حفيدَتهُ “أُمامَة” بِحنانهِ وعَطفهِ، فكان يُحبُها حُبًا كبيرًا، تُوفتْ أُمها زينبُ بنت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- في السنةِ الثامنةِ للهجرة، وكانتْ لا تزالُ صغيرة، فتربتْ في بيتِ جَدها رسولُ الله – صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- حتى في صَلاته، فقدْ رَوى الإمامُ البُخاري في صَحيحهِ وغيره عن أبي قُتادة الأنصَاري – رضي الله عنهُ- قال: “خرجَ عَلينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأُمامة بنتُ أبي العاص على عاتقهِ، فصلى فإذا ركعَ وَضعها وإذا رفعَ رَفعها”.
أمّا في الغزواتِ فقدْ كانَ مُحمد -صلى الله عليه وسلم يتقدّم صفوف المحاربين، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مثالاً يُقتدى بهِ في الشجاعةِ والثبات، ومنَ المَواقفِ التي تَدلُّ على ذلكَ ثباتهُ -عليه الصلاةُ والسلام- في وجهِ جُيوش الكُفر وقادةِ الضلال، فيوم حُنينٍ لمّا اختلطتْ صُفوفُ المُسلِمين وفرّ بَعضُهم منْ أرضِ المَعركة، ثبتَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلم- ثباتَ الشُجعان، وأخذَ يُنادي في الصفوفِ قائلاً: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ)، ثم صفَّ أصحابه. رواه البخاري.
وفي الوقتِ نَفسه كانَ سيدنا مُحَمد – صلى الله عليه وسلم- عطوفًا ورحيمًا مع أهلِ بيتهِ ومعَ الآخَرين، فقدْ كانَ النبيّ يهتمُّ بِخدمةِ نَفسِه، إلى جانبِ مُساعدتهنّ؛ فقدْ قالتْ عنهُ زَوجتهُ عَائشة: (يخصِفُ نعلَهُ، ويعملُ ما يعملُ الرَّجلُ في بيتِهِ)،وكان يصنعُ طعامَهُ بنَفّسه، ويُنجزُ أيّ شيءٍ يعرض لهُ من عملِ البيت. المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح.
الصفحة أو الرقم: 5759 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
مُحَمَّدٌ طابَتِ الدُّنيا ببِعْثَتِهِ
مُحَمَّدٌ جاءَ بالآياتِ والْحِكَمِ
مُحَمَّدٌ يَوْمَ بَعْثِ النَّاسِ شَافِعُنَا
مُحَمَّدٌ نُورُهُ الهادِي مِنَ الظُّلَمِ
مُحَمَّدٌ
مُحَمَّدٌ خَاتِمَ لِلرُّسْلِ كُلِّهِمِ
النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قدوةً كاملةً في جميعِ جوانبِ سِيرته، إيمانيًّا وعِباديًّا، وخُلقًا وسلوكًا وتعاملاً مع غيره، وفي جميعِ أحواله، كانتْ سِيرتهُ مثاليةً للتطبيقِ على أرضِ الوَاقع، ومُؤثرةً في النُفوسِ البَشَرية؛ فقدْ اجتمعتْ فِيها صفاتُ الكمالِ وإيحاءاتُ التأثيرِ البَشري، واقترنَ فِيها القولُ بالعَمَل، ولا ريبَ أنّ القُدوةَ العَملية أقوى تأثيرًا في النفوسِ من الاقتِصارِ على الإيحَاءِ النَظري؛ وأرسلَ اللهُ سُبحانهُ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- ليكونَ للنّاسِ أُسوةً حسنةً يَقتدونَ به، ويتَأسّونَ بِسيرَته.
نحنُ كَمُجتمع إسلامي إذا أحْببنا أنْ نكونَ أفضلَ أُمةٍ وأنبلَ أُمَّةٍ وأقوى أُمة يجبُ عَلينا الالتزامُ بأخلاقِ وآدابِ ومَبادئ وقِيم الرسولِ الأعظَم “محمد صلى الله عليه وآله وسلم”، فسوفَ نكونُ مُتسلحينَ بأقوى سِلاحٍ في العالمِ وهوَ “الإسلام وقِيم ومَبادئ وأخلَاقِ الرسولِ – صلى الله عليه وآله وسلم-” .
فالمُحب كُلما ازدادَ صدقًا في حُبهِ كُلما ازدادَ حرصًا على أنْ لا يُغضبَ محبوبِه، فالسيرُ على نهجِ مُحمد -صلى الله عليه وسلم- واتباعُ سُنتهِ، هذا هو الحُب الحَقيقي.
ولا يُمكنُ أن نَنسى أقلامَ المُستشرِقين التي لم تَصمُد أمامَ صِفاتِ وأَخلاقِ ومُعجزة رسولِ الله – صلى اللهُ عليهِ وسلم- فشهِدوا شهادةَ عدلٍ وإِحسان وإنْ لم يُسلموا، لأًنّ الباحثَ الغربي المُنصف لا يملكُ إلا أنّ يقفَ إجلالاً لشخصيةِ نبينا ورِسالته، وشهدوا شهادةَ حقٍ سَطرها التاريخ، وسوف أعرضُ الآن بعضًا من أهمِ أقوالِ هَؤلاء المُستشرقين :
قال أحدُ كِبار كُتاب الإنجليز توماس كارلايل” رجلٌ واحدٌ في مُقابل جَميع الرجال “، الذي استطاع بنصرِ الله لهُ وبصدقِ عزيمتهِ وبإخلاصهِ في دعوتهِ أن يقفَ أمامَ الجميعِ ليُدحضَ الباطل ويُظهر الحقّ حتى يُحق اللهُ الحق بكلماتهِ ولو كرهَ الكافرون.
قال المُفكر الفرنسي لامارتين:
” رجلٌ أسّس 20 إمبراطُورية دُنيوية وإمبراطُورية واحِدة روحية “.
الفليسوف والمُفكر الفرنسي فولتير “إنّ أكبرَ سِلاح استعملهُ المُسلمون لِبث الدعوة الإسلامية هو اتصافُهم بالشيم العالية اقتداءً بالنبي محمد – صلى الله عليه وسلم-” .
المُستشرق الإيطالي ميخَائيل إيمارى يقول
” وحسبُ مُحمد ثناءً عليه أنهُ لم يُساوم ولم يقبل المُساومة لحظةً واحدةً في موضوعِ رسالتهِ على كثرةِ فُنون المُساومات واشتدادِ المحن وهو القائل “لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته “. عقيدةٌ راسخة، وثباتٌ لا يُقاس بنظير، و همةٌ تركت العربَ مدينينَ لمُحمد بن عبد الله، إذ تَركهم أمةً لها شأنُها تحت الشمس في تاريخ البشر”.
سانت هيلر(العلامة برتلي سانت هيلر الألماني وهو مستشرق ألماني) قال :
كان محمد رئيساً للدولةِ وساهراً على حياةِ الشعب وحريته، وكان يُعاقبُ الأشخاصَ الذين يجترحون الجنايات حسبَ أحوال زمانهِ وأحوالِ تلكَ الجماعات الوحشية التي كانَ يعيشُ النبي بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانةِ الإلهِ الواحد، وكان في دعوتهِ هذه لطيفاً ورحيماً حتى معَ أعدائه، وإنّ في شخصيتهِ صفتين هُما من أجلّ الصِفات التي تحملها النفسُ البشرية وهما العدالة والرحمة.
الكاتب الإنجليزي “برنارد شو”، العلامة الفرنسي “ساديو لويس”، الأديب العالمي “ليو تولستوي”،
البروفيسور الهندي “راماكرشنه راو”، والكثير الكثير من الباحثين الغرب الذينَ لم تكن أقوالُهم مُجردَ تعبيرٍ عنْ آرائهم في الإسلامِ ورَسوله، بلْ جاءتْ بعدَ دِراسةٍ مُتأنيةٍ للتاريخِ الإسلامي، لاسيما الفترةَ التى عايشها النبيّ مُحمد – صلى الله عليه وسلم-، وتناولتْ مَواقفه مع أعدائهِ قَبل أصدِقائه وأتباعِه، وهي ما جعلتْ كثيرين مِنهم ينبَهرون بأخلاقِ النبي الكريم.
فكنْ فخوراً بانتماءِكَ إلى هذا الدين وهذهِ الأُمةِ ذات العظمةِ الخالدةِ، وإلى سيدنا مُحمد سيدُ الكونين والثقلين،والفريقين من عُربٍ ومن عجمِ .. هو الحبيب الذي تُرجى شفاعتهُ لكلِ هولٍ من الأهوال مُقتحم
إنّ الصلاة على النّبي وسيلةً
فيها النّجاة لكلِّ عبدٍ مُسْلِمِ
صلّوا على القمر المُنير فإنّه
نورٌ تبدّا في الغمام المُظلِمِ
“ابن الجوزي”.
قالَ تعالى ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)”[الأحزاب]