هَنَعِيش
الكاتب : هبة احمد الحجاج
فِي يَوْمٍ مَا ، قَرَّرْتُ أَنْ أَكْتُبَ مَقَالَ صَحَفِيٌّ بِعُنْوَانِ " سَاعَةُ الْحَيَاةِ " ، فَقَرَّرْتُ أَنْ أَسْتَعِينَ بِالطَّبِيبِ ، حَتَّى يَصِفَ لِي الدَّقَائِقَ الْأُولَى مِنْ سَاعَةِ الْمَوْلُودِ .
قَالَ لِي :- مَا رَأْيُكَ أَنْ تُشَاهِدَهَا بِنَفْسِكَ ، وَ تَصِفُهَا بِشُعُورِكَ .
وَافَقَتْ عَلَى الْفَوْرِ وَذَهَبَتْ ، وَبَيْنَمَا أَقُولُ لِلطَّبِيبِ أَنَّهُ :-وَ بَعْدَ طُولِ عَنَاءِ فِي مَرْحَلَةِ الْحَمْلِ تَأْتِي اللَّحْظَةُ الَّتِي يَتِمُّ خُرُوجُ الْجَنِينِ إِلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ ،وَلَكِنْ عِنْدَمَا شَاهَدْتْ هَذَا الطِّفْلَ وَقَدْ بَدَأَ حَيَاتَهُ بِالْبُكَاءِ أَصَابَنِي بِخَيْبَةِ أَمَلٍ مَعَ خَوْفٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خُطَبٌ مَا يُعَانِي مِنْهُ هَذَا الْمَوْلُودُ.
نَظَرَ إِلَيَّ الطَّبِيبُ مُبْتَسِمًا وَقَالَ : لَا عَلَيْكَ ، رَأْيُ الطِّبِّ فِي سَبَبِ الْبُكَاءِ وَهُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ : وَ هُوَ قِيَامُ الطِّفْلِ بِالتَّنَفُّسِ لِأَوَّلِ مَرِّهِ ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى تَفَتّحِ الْقَنَاةِ التَّنَفُّسِيَّةِ لَدَيْهِ ، وَ يَقُومُ الطَّبِيبُ بِقَلْبِ الطِّفْلِ رَأْسًاَ عَلَى عَقِبٍ فَيَكُونُ رَأْسُهُ لِلْأَسْفَلِ وَ قَدَمَيْهِ لِلْأَعْلَى لِمُدَّةٍ لَا تَزِيدُ عَنْ دَقِيقَةٍ يُسَاعِدُ عَلَى وُصُولِ الدَّمِ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ لِلْمُخِّ ، وَ يُسَاعِدُ عَلَى تَفَتّحِ الرِّئَتَيْنِ وَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِقْبَالِهِمْ لِلْهَوَاءِ . كَمَا هُنَاكَ تَفْسِيرٌ آخَرُ لِبُكَاءِ الطِّفْلِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ ، أَنّ الطِّفْلَ عِنْدَمَا يُولَدُ تُصِيبُهُ صَدْمَةٌ مِنْ الْجَوِّ الْجَدِيدِ الَّذِي قُدِّمَ إِلَيْهِ ، حَيْثُ أَنّهُ كَانَ فِي جَوٍّ حَارٍّ وَ انْتَقَلَ إِلَى جَوٍّ بَارِدٍ ، كَمَا أَنَّ السَّائِلَ الَّذِي كَانَ يُحِيطُ بِالْجَنِينِ فِي رَحِمِ أُمِّهِ كَانَ يُشْعِرُهُ بِالطَّفْوِ لِلْأَعْلَى ، أَمّا خَارِجَ الرَّحِمِ فَالْجَاذِبِيَّةُ الْأَرْضِيَّةُ تُشْعِرُهُ أَنّهُ سَوْفَ يَسْقُطُ.
فَقُلْتُ لَهُ :- اصْرَخْ لِتَعْلَمَ أَنَّكَ مَا زِلْتَ حَيّاً وَحْيّاً وَأَنّ الْحَيَاةَ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ مُمْكِنَةٌ.
نَظَرَ لِي وَقَالَ :- لَيْسَتْ الْحَيَاةُ بِعَدَدِ السِّنِينَ وَ لَكِنَّهَا بِعَدَدِ الْمَشَاعِرِ، لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَيْسَتْ شَيْئًاً آخَرَ غَيْرَ شُعُورِ الْإِنْسَانِ بِالْحَيَاةِ، كَهَذَا الطِّفْلِ تَمَامًا وَ لَوْ لَمْ يَبْكِي ، لَقُلْتُ أَنَّهُ مَيِّتٌ .
وَأَنَا أُفَكِّرُ فِي ذَلِكَ ، سَمِعْتُ صَوْتَ طِفْلٍ صَغِيرٍ يَقُولُ لِي : تَفْضُلُ ، كَانَتْ " تَحْلَايَةُ" الْمَوْلُودِ الْجَدِيدِ ، ابْتَسَمْتُ لَهُ وَقُلْتُ :- سَعِيدٌ أُمْ حَزِينٍ ؟ أَنَّ أَحَدًا آخَرَ سَيَأْخُذُ مَكَانَكَ ، عَلَى رَأْيِهِمْ " الدَّلَّالُ سَيَذْهَبُ إِلَى شَخْصٍ آخَرَ ، نَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةٌ مَمْزُوجَةٌ بِالْخَيْبَةِ وَ فِقْدَانِ الْأَمَلِ وَقَالَ :- ذَهَبَ الدَّلَّالُ مَنْذُو قَتْ بَعِيدٍ وَأَتَى مَكَانَهُ التَّمْيِيزَ ، ثُمَّ أَرْدَفَ قَائِلًاً :- أَنَا لَدَيَّ أَخِ أَصْغَرُ مِنِّي أَيْضًاً ، وَ عِنْدَمَا أَتَى أَخْذَ الْمَحَبَّةِ وَ الدَّلَّالِ ، أَصْبَحَ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ ؛ الْأَلْعَابُ وَ الْأَمَاكِنُ حَتَّى الْمَطَاعِمِ ، هُوَ الَّذِي يَخْتَارُهَا بِحُكْمِ أَنَّهُ الصَّغِيرُ وَ يَجِبُ أَنْ اسْتَوْعَبَهُ ،
أَتَعْلَمُ أَحْسَسْتُ أَنَّنِي كَبَّرْتُ فَجَاءَةً !
فَذَهَبْتُ إِلَى جَدِّي وَ شَعَرْتُ بِالْوَحْدَةِ وَ أَخْبَرْتُهُ بِشُعُورِي وَبِأَنَّنِي طِفْلٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ أَوْ إِلَى حَدِّ مَا لَسْتُ مَحْبُوبٌ .
نَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ :- مَنْ رَحَلَ لَنْ يَعُودَ ، وَمَنْ ضَرَّكَ سَيَضُرُّهُ شَخْصًاً ذَاتَ يَوْمٍ ، وَمَنْ أَبْكَاكَ سَيَجِدُ مَنْ يُبْكِيهِ ، الدُنْيَا تَدُورُ وَ الصَّفْعَةُ الَّتِي يُهْدِيهَا الْيَوْمَ سَتَعُودُ لَهُ بِنَفْسِ الْحِدّةِ غَدًاً.
نَظَرْتُ لَهُ وَقُلْتُ : وَهَلْ عِنْدَمَا يَأْتِي إِلَيْكَ أَخِيكَ سَتَقُولُ لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ ؟ نَظَرَ إِلَيَّ مُبْتَسِمًا وَقَالَ :- بِالطَّبْعِ لَا ، هَذَا أَخِي وَأَنَا أُحِبُّهُ ، وَلَنْ أَقُولَ لَهُ ذَلِكَ، قَدْ يَعْتَقِدُ أَنَّنِي أَتَشَمْتُ بِهِ لَا سَمَحَ اللَّهَ ، سَأَقُولُ لَهُ :- الْحَيَاةُ لَيْسَتْ عَادِلَةً، فَلْتَعُوّدْ نَفْسَكَ عَلَى ذَلِكَ.
قِبْلْتُهُ عَلَى جَبِينِهِ وَ شَكَرْتُهُ عَلَى قَلْبِهِ الطَّيبِ وَ الْحَلْوَى اللَّذِيذَةِ وَ خَرَجَتْ .
وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ لَمَحَتْ " حَافِلَةُ الْمُوَاصَلَاتِ " تَبْتَعِدُ ، فَأَصْبَحْتُ أَرْكُضُ بِشَكْلٍ هِسْتِيرِيٍّ ، فَإِذَا ذَهَبْتَ "الْحَافِلَةُ " سَأَجْلِسُ انْتَظَرَ سَاعَتَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ حَتَّى تَأْتِيَ مَرَّةً أُخْرَى .
وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَنْ شَاهِدَنِي شَابٌّ يَقِفُ فِي الْحَافِلَةِ، وَ أَوقِفَ الْحَافِلَةَ لِأَجْلِي ، تَشَكَّرْتُهُ عَلَى مَعْرُوفِهِ وَقُلْتُ لَهُ :- بِسَبَبِكَ، لن أَصَلَ بَيْتِي عَلَى أَذَانِ الْمَغْرِبِ ، نَظَرَ إِلَى النَّافِذَةِ وَقَالَ :- اُنْظُرْ إِلَى هَذِهِ السَّيَّارَةِ الْفَارِهَةِ ، هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّ مَالِكَ هَذِهِ السَّيَّارَةِ ، سَيَرْكُضُ أَوْ رَكَضَ عَلَى حَافِلَةِ الْأُجْرَةِ مِثْلَكَ الْيَوْمَ ؟ هَؤُلَاءِ لَا يَشْعُرُونَ وَلَنْ يَشْعُرُونَ مَا بِنَا ، يَعِيشُونَ فِي نَعِيمٍ وَرَفَاهِيهِ ، وَ مَعَ كُلِّ ذَلِكَ يَسْرِقُونَ أَحْلَامَنَا ، أَحِبَّائُنَا .
نَظَرْتُ لَهُ : مَاذَا تَقْصِدُ ؟! نَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةٌ مَمْزُوجَةٌ بِالْأَلَمِ وَ الْحَسْرَةِ وَ الْغَضَبِ : سَرَقُوا مِنِي الْإِنْسَانَةَ الْوَحِيدَةَ الَّتِي أَحْبَبْتُهَا ، تَرَكْتْنِي بِسَبَبِهِمْ ، أَغْرُوهَا بِالْمَالِ وَالسُّلْطَةِ وَ أَوْهِمُوهَا ، بِأَنَّ الْحَيَاةَ مَعِي سَتَكُونُ صَعْبَةً ، وَ مَعَهُمْ سَتَكُونُ الْحَيَاةُ سَهْلَةً وَ مُرِيحَةً وَمُنْعَمَةً.
نَظَرْتُ لَهُ وَقُلْتُ لَهُ :- إِذَنْ هِيَ لَا تُحِبُّكَ ، نَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةٌ مَمْزُوجَةٌ بِالْغَضَبِ وَ أَمْسِكْ بِقَمِيصِي وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ وَقَالَ :- لَا لَا ، تُحِبُّنِي وَهُمْ الَّذِينَ اقْنَعُوهَا أَنَّ حَيَاتِي صَعْبَةٌ ، وَ أَخَذَ يُبَرِّرُ وَ يَضَعُ الْحُجَجَ الَّتِي تُبَرِّرُ فِعَلَتَهَا ، وَكَأَنَّهُ يُقْنِعُ نَفْسَهُ ، أَنَّهَا تُحِبُّهُ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ الْخِذْلَانُ .
نَظَرْتُ لَهُ وَقُلْتُ : أَلَمْ تَسْمَعْ " أﺗﻌﻠّﻢ ﻣَﺎ ﺍﻟﺬِﻱ ﻳُﺤﺰنَنِي ؛ ﺃﻧﻬُﻢ ﺟَﺎﺩﻟﻮُﻧﻲّ ﺑﻚَ ﻣﺮﺍﺭاً ، فَ ﺃﺧﺒَﺮﺗﻬُﻢ ﺃﻧﻚَ مُخْتَلِفٌ فَخَذَلَتَنِي .! ".
اطْمَئِنْ "لَنْ يَفَوتَكَ مَا قَسَمَهُ اللَّهُ لَكَ، كُلُّ مَا فَاتَكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَصِيبِكَ".
خُذْ هَذَا الدَّرْسَ وَافْهَمْهُ وَ احْفَظْهُ جَيِّدًا :- عَلَّمَتْنِي الْحَيَاةُ أَنْ أُعَامِلَ النَّاسَ كَالْإِعْرَابِ :
بَعْضُهُمْ يَسْتَحِقُّ الرَّفْعَ،
وَ بَعْضُهُمْ النَّصْبُ ،
وَ بَعْضُهُمْ الْكَسْرُ وَ الْجَرُّ،
وَ بَعْضُهُمْ النَّفْيُ ،
وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ مَحَلٌّ مِنْ الْأَعْرَابِ .
وَالَّتِي تَقُولُ أَنَّهَا حَبِيبَتُكَ لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ .
وَ بَيْنَمَا أَنَا أَشْرَحُ وُجْهَةَ نَظَرِي فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ ، اصْطَدَمَتْ الْحَافِلَةُ بِتِلْكَ السَّيَّارَةِ الْفَارِهَةِ الَّتِي كُنَّا نَتَكَلَّمُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ لَهُ :- قَدْ نُصْبِحُ نَحْنُ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ .
وَ فُجَاءَةُ نَزَلَ الْجَمِيعُ مِنَ الْحَافِلَةِ وَ نَزَلَ سَائِقُ تِلْكَ السَّيَّارَةِ .
لَفْتُ نَظَرِي أَنَّهُ يَرْتَدِي سَاعَةَ " بَنَاتٍ "فِي يَدِهِ !
سَمِعْتُ صَوْتَ ذَلِكَ الشَّابِّ يَقُولُ بِشَكْلٍ مُثِيرٍ لِلِاسْتِهْزَاءِ ؛
هَلْ مِنْ الْمَعْقُولِ أَنَّهُ لَا يَمْتَلِكُ ثَمَنَ سَاعَةِ يَدٍ " رِجَالِيَّةٍ " وَ يَمْتَلِكُ هَذِهِ السَّيَّارَةَ الْفَارِهَةَ .
سَمِعَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَقَالَ لَهُ :- مَعَكَ كُلُّ الْحَقِّ أَيُّهَا الشَّابُّ ،
وَ لَكِنَّ ابْنَتَي تَوَفَّاهَا اللَّهُ مُنْذُ مُدَّةٍ بِمَرَضِ السَّرَطَانِ وَلَمْ يَتَبَقَّى لِي مِنْهَا إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةُ .
سَكَتَ الشَّابُّ وَ أَزَاحَ بِوَجْهِهِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ مَلَامِحُ الْخَجَلِ وَ الْخِزْيِ بَعْدَ الَّذِي سَمِعَهُ .
نَظَرْتُ لَهُ وَقُلْتُ :- لَا تَحْكُمْ عَلَى شَخْصٍ وَأَنْتَ لَا تَعِيشُ ظُرُوفُهُ ،
كُلُّ شَخْصٍ تَقَابِلُهُ يَخُوضُ مَعْرَكَةً فِي الْحَيَاةِ أَنْتَ لَا تَعْرِفُ عَنْهَا شَيْئًاً ،
تَرَفَقَ بِهِ دُومًا،
فَهُنَاكَ أَيَّامًا تَمُرُّ بِالْإِنْسَانِ حَتَّى الْإِيمَاءُ بِالرَّأْسِ يُصْبِحُ ثَقِيلٌ عَلَيْهِ فَأَحْسَنُوا الظُّنُونَ.
وَأَنَا كَذَلِكَ وَإِذَا أَسْمَعُ أُغْنِيَةَ إِلِيسَا تُغَنِّي " حِنَعِيشُ لِسَا يَامَا وَنُشُوفُ.. حَنَعِيشَ تَحْتَ أَيِّ ظُرُوفٍ
حَنَغَنِي كَمَانٍ وَكُمَانٍ.. وَ نَرْقُصُ عَلَى الْأَحْزَانِ
وَ يَا دُنْيَا جِنَانٌ بِ جِنَانٍ .."
أَصْبَحْتُ أَلْتَفِتُ حَتَّى أُحَدِّدَ اتِّجَاهَ الصَّوْتِ ، كَانَ مَحَلٌّ صَغِيرٌ مُتَوَاضِعٌ يُعْلِنُ افْتِتَاحَهُ ، وَشَرُّ الْبَلْيِيَّةِ مَا يَضْحَكُ ، ذَهَبَ كُلُّ رُكَّابِ الْحَافِلَةِ حَتَّى يُشَارِكُوهُ احْتِفَالَهُ وَهُوَ سَعِيدٌ وَ يُوَزِّعُ الْحَلْوَى لَهُمْ .
كُلََ مِنَّا لَهُ قِصَّةٌ،
قِصَصٌ دَاخِلِيَّةٌ مَكْبُوتَةٌ،
عَلَى مَلَامِحِ الْوُجُوهِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقْرَأَ آلَافَ الْقِصَصِ،
وَشَاحُ الْوُجُوهِ أَنْ زَالَتْ لِبَانَ قِصَصٌ مُبْكِيَةٌ وَ مُحْزِنَةٌ.
وَ رُبَّمَا قِصَصٌ مُفْرِحَةٌ
لَكِنْ نَتَلَبَّسُ قِنَاعَ الْحَاضِرِ وَ نُحَاوِلُ أَنْ نَخْرُجَ لِلنَّاسِ بِوَجْهٍ حَسَنٍ،
وَ مَنْظَرٌ غَيْرُ مَرْثِ ، لِكَيْ نُكَابِرَ وَ نُغَالِطَ دَوَاخِلَنَا
لَكِنْ إِنْ دَقَقْنَا النَّظَرَ فِي مَلَامِحِ الْوُجُوهِ
لَبَانَتْ أَسَارِيرُ الْحَقِيقَةِ،
وَ اتَّضَحَ الْحُزْنُ وَ الْجُرْحُ وَالْالَمُ.
آثَارُ الزَّمَنِ وَالْعُمْرِ ، لَا نَسْتَطِيعُ مَحِيّهَا ، حَتَّى أَنْ ابْتَسَمْنَا .
دَعُوْنَا نَنْظُرْ لِلْحَيَاةِ بِجَانِبٍ إِيجَابِيّ، وَأَنْ نَتَأَمّلَ خَلْقَ اللَّهِ وَ إِبْدَاعَهُ السِّحْرِيّ، اُنْظُرْ إِلَى الْوَرْدَةِ وَ أَلْوَانِهَا فَهِيَ تُضْفِي السّرُورَ، لَا تَدَعُ الْحُزْنَ يَقْتَلِقْلُبُكَ، وَلَا تَدَعُ الشّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لَكَ وَيُوهِمُكَ بِأَنّكَ وَحْدَكَ الْحَزِينُ، وَأَنّكَ تَتَجَرَّعُ الْأَلَمَ وَتُكَابِدُ الْأَحْزَانَ، وَغَيْرُكَ فِي سَعَادَةٍ وَفَرَحٍ .