08 Jun
دس السم بالعسل


 الكاتبة:-هبة احمد الحجاج 


كنت طفلة ، طفلة صغيرة مشاكسة تقفز هنا ، تلعب هناك ، تبكي لانه لعبتها قطعت يده ، تحلم وهي تنظر خلف النافذه وحبات المطر تتطرق نافذتها ان تلعب تحت المطر ،لكن تخاف من تبويخ امها لها ، كنت طفلة تخاف من الظلام ، تتخيل انه سيخرج لها شبحٌ كبير وضخم يبتلعها ، كنت طفلة تخاف من الفراق تخاف ان تقول وداعا او حتى ترفع يدها لأطفال أقاربها الذين انتهت زيارتهم لها ويجب ان تودعهم ، كنت تلك طفلة التي تستمتع بالسرد الحكايات فتذهب عند جدتها التي كانت تجلس عند الموقد وتمسك بإيدها خيط السنارة لكي تغزل لها معطف جميل يحميها من برد شتاء، كنت اذهب الى جدتي مسرعة واقول لها ” جدتي يا جدتي احكي لي قصة ، وكأنها في جعبتها حكايات العالم بإسره

كانت تبتسم وتومئ بالراسها بالعلامة القبول ، وقالت ” سنتكلم اليوم يا طفلتي الصغيرة عن ذكاء وسرعة بديهة هارون الرشيد: كان يا هما كان

كان الخليفة الراشد هارون الرشيد شديد الذكاء سريع البديهة ويمتلك من الفطنة ما لا يمتلكه غيره، وفي أحد الأيام وهو جالس في مجلسه بين وزرائه وعلمائه دخلت عليه أمرة من آل برمك، وكانت هذه المرأة ناقمة وكارهة لهارون الرشيد حتى لم يكن على وجه الأرض أبغض إليها منه، ولكنها كانت امرأة شديدة الذكاء فلم تواجه بما في قلها بل دعت له بقولها ” يا أمير المؤمنين أقر الله عينك، و فرحك الله بما آتاك، وأتم سعدك، لقد حكمت فقسط”، فرح الوزراء ومن حول الخليفة بدعاء المرأة لخليفة المؤمنين هارون الرشيد على عكس الرشيد نفسه،

فقال لها الخليفة الرشيد: من تكونين أيتها المرأة؟

فقالت المرأة: أنا من آل برمك ممن قتلت رجالهم و أخذت أموالهم وسلبت نوالهم.

فقال هارون الرشيد: اما الرجال فقد مضى أمر الله فيهم، وأما المال فمردود إليك.


ثم ذهبت المرأة، فتعجب من في المجلس من فعله ثم قال لهم أتدرون ما قالت المرأة.

فقالوا:ما نراها قالت إلا خيرا

فقال الرشيد: ما أظنكم فهمتم قولها، أما قولها ” أقر الله عينك” فهي تدعوا على بالعمى فقرار العين أي سكونها عن الحركة، وأما قولها ” وفرحك الله بما أتاك” فهى تقصد قول الله تعالى ” حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغته”، وأما قولها ” وأتم سعدك” فهي تقصد قول الشاعر إذا تم شئ بدأ نقصانه… ترقب زوالا إذا قيل تم، وأما قولها ” لقد حكمت فقسط” فهي تقصد قول الله تعالى ” وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا”

فتعجب الحضور من ذكاء المرأة وسرعة بديهة خلفية المرمنين هارون الرشيد.

قالت لي جدتي ” ما العبرة من هذه القصة يا صغيرتي ؟!

قلت لها ” ان لا نحكم على الامور بالظواهرها ، يجب ان نبحث بالأمر

وعلى قولت المثل “بوس الأيادي ضحك عالحى


فضحكت ضحكة وقالت يا الدهاك يا صغيرتي

وقالت ” نعم نعم يا صغيرتي يجري احيانا بين الناس مايسمى الطعن المبطن بالحديث


وهو أن يتكلم بكلام ظاهره السلامة لكنه في الباطن يقصد الطعن بمن أمامه أو من يحادثه


قلت لها ” ولماذا كل هذا ، لماذا لا أقول له كل الذي اريد في بامِ عينه وعلى مسمع أذنه .


قالت لي ” انتي شجاعة يا صغيرتي لانه هذا تصرف الشجعان ؛ولكن هذا تصرف الجبناء ؛وهو يدل على جبن المتكلم وبعده عن المصارحة الى هذا النوع من الاذى.


وكما قال المثل وهو( دس السم في العسل)

من المعروف ان نقاط السم، باي نوع ،تكون به بعض المراره

لذلك افضل شيء لدس السم هو العسل ؛لشدة حلاته وهنا يمكن السر.

وعلى رايك يا صغيرتي على راي المثل “الديك الفصيح من البيضة يصيح.

توته توته خلصت الحتوته.




تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.