الكاتبة :- هبة أحمد الحجاج
في بدايةِ المقال ، سأسربُ لكَ معلومة ، قد لا تكون معلومة ، قد لا تكونُ شيئًا مهمًا، لكن في تاريخ 31/12/2019 ستفتحُ هاتفكَ النقالِ وترى كميةَ التهاني والدَعواتِ المهولةِ عليك ، كلُ ذلكَ بسببِ السَنةِ الجديدةِ
كمَا حَصلَ مَعِي تمامًا ، سَأرّوي إليك القِصَة ؛
استيقظتُ في الساعةِ السابعةِ صباحًا ككلِ يومٍ اعْتيادِي ، اذهبُ بهِ إلى العَمَل ، وأنا أُحاولُ أنّ أستيقظ وأُقْنِعُ عينيي أن تُبصرَ لكي تتأكدَ أن الشمسَ ظهرت وقد حَان وقتُ العمل ، تطبيقًا لأغنية ” طِلعتْ يا مَحّلى نُورهَا شَمس الشَمُوسة”
وإذا لمحتُ إشعاراتٍ مهولةٍ على الهاتف ، فَزِعتُ وأخذتُ الهاتف ورأيتُها ، كانت جميعُها بِلا استثناء تهاني ودَعَوات بسبب السنةِ الجديدةِ ، لا أُخْفيكُم للحظةٍ واحدة حَسِبتُ أنني طُرِدتُ من العملِ بِسَبب تأخُري عن موعدِ العملِ المُقَرر.
لكن وللهِ الحمد .
ذهبتُ إلى العمل واستأجرتُ سيارةَ نقل “تَكسِي” كانَ على الرَادِيو ” مُذيعٌ يَتكلمُ عن السنةِ الجديدةِ ، فقامَ السائقُ بإغلاقهِ على الفورِ وقالَ ” واللهِ يا أستاذ صارلي عشر سنين ما تغيرت علي حياتي بإشي ، هي هي تيتي تيتي متل ما رُحْتي متل ما إجيتي .
ابتسمتُ بوجهِهِ وقلتُ لهُ ” أَلمْ تَسّمع بِهَذهِ المقولةِ “بالرُغمِ من أنّه لا يُمكن أنّ نَعودَ إلى الوراء لِنَصّنعَ بدايةً جديدة إلّا أنّه يُمكن أنّ نَبّدأ من الآنِ في صِنَاعةِ نهايةٍ جديدة.
نَظرتُ إليهِ و وَجدتُ على مَلامِحهِ الذُهولُ والتَعمقُ بالتفكير، وضعتُ لهُ الأمّوالَ ومشيت ، كنتُ لا أُريدُ أنّ أُشَتِتَ انتباههِ عن تفكيرهِ في خَلّقِ بدايةٍ جديدة .
مَشيتُ في شَوارعِ المَدِينةِ كانَ الجوُ جميلٌ للتنزه ، فالجو ماطرٌ والشوارعُ والجُدْرانُ مبللةٌ والأطفالُ يتَراقصونَ تحتَ زخاتِ المطرِ وكَأنّها مَعّزوفةٌ موسيقية ، وأنَا مُستمعٌ بهذهِ الأجْواء اسْتَوقَفني شابٌ ، يَسْألُني عن مَوقِعِ الشَركةِ الفُلانِيةِ ، وبَينَما أنَا أبحثُ لهُ عن المكانِ ، قالَ لي ” العالمُ كُلهُ مُتفائلٌ بالسنةِ الجديدةِ والله وكِيلَك يا أستاذ صَارّلي سَنْتين بدور على شُغل ، يعني بِالنسبةِ إلي السنتين هدول اللي مَرْوا ، عدد من سنين عُمري .الله كريم ”
طَبطبتُ على كَتِفهِ وقلتُ لهُ ” لا تَقفْ في بِدَايةِ الطَريقِ إنْ وَجدتَ صَخّرة، فَهذهِ جزءٌ منْ جسرٍ سَتَبنيهِ يوماً لِمُسْتقبلك”
وَضعَ يَدهُ على كَتِفي وقالْ يا رب وذَهَب .
جَلَسّتُ في المَقْهى وفَتَحتُ حَاسُوبي الخاصَ “اللابتوب ” وقَررتُ بَينِي وبَينَ نَفّسي أنّ أكّتبَ مَقَال ” ارمِ أحّلامَك قَبلَ 2020” وإذا أسمعُ صوتًا يقولْ، وأنا مُتأكِد أنّ الجَميعَ فَهِم عُنْوانَ المَقالِ كَما فهمهُ” صَدَقت أنَا
أيضاً رَميتُ أحّلامِي ليسَ قَبْل 2020 بَلْ ب 2011 ، أَتَعلمُ لِمَاذا ؟ أَنْتَظِرُ طِفْلاً بِفَارِغِ الصَبر ، وأَشّعُرُ أنّ حَيَاتي تَوقْفَتْ مُنْذُ ذَلِكَ الحِينْ ، قُلْتُ لهُ ” ارمِ أَحْلامَك في الفَضَاءِ كَمَا تَرّمِي طَائِرَةً وَرَقيةً، فَأنتَ لا تَعْرِف مَا الذِي سَتَعُودُ بِه، حَياةٌ جديدة، أم صديقٌ جديد، أم حبٌ جديد، أم بلدٌ جديده .
أو حَتْى طِفْلًا جَدِيدًا أَلَيسَ كَذَلك، “قَدْ تَكُونُ نِهَايةُ الأَشّياءِ، بِدَايةٌ لأشياءَ أَجْمَل .
ونَظرتُ إلى النَادِلِ وَقُلتُ لَهُ ” فِنْجَانُ قَهْوةٍ مِنْ فَضّلكَ”